احتفلت ’ستراتا للتصنيع‘، الشركة المتخصصة في تصنيع أجزاء هياكل الطائرات من المواد المركبة والمملوكة بالكامل لشركة ’مبادلة للاستثمار‘، هذا الشهر بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسها. ويأتي احتفال الشركة، التي تتخذ من مجمع العين الطيران (نبراس) في إمارة أبوظبي مقرًا لها، في الوقت الذي تستعد فيه لمزيد من النمو والتوسع في خطوط انتاجها وفي شراكاتها مع كبرى شركات صناعة الطيران العالمية، مستندةً لعشرة أعوام من النجاحات المتتالية في قطاع صناعة أجزاء هياكل الطائرات. وذلك بعد أن ساهمت الشركة خلال مسيرتها على مدى العقد الماضي في تطبيق خطة التنويع الاقتصادي لأمارة أبوظبي، وباتت اليوم أحد أهم المشاريع غير النفطية في دولة الإمارات.
وعلى مدار الأعوام العشرة الماضية، استطاعت ’ستراتا‘ تكريس موقعها في سلاسل القيمة العالمية لقطاع صناعة الطيران كأحد الموردين الرئيسيين لكبرى شركات صناعة الطائرات العالمية. كما نجحت الشركة في تعزيز برنامج التنويع الاقتصادي من خلال مبادرة “صنع بفخر في دولة الإمارات”؛ إذ سلّمت ’ستراتا‘ منذ العام 2009 أكثر من 3 آلاف شُحنة مكونة من 50 ألف قطعة من أجزاء هياكل الطائرات المصنّعة لكبرى شركات صناعة الطائرات العالمية.
وفي هذا الصدد، قال اسماعيل علي عبدالله، الرئيس التنفيذي لشركة ’ستراتا‘: “شهد مجمع العين الطيران (نبراس) قبل عشرة أعوام انطلاق مسيرة ’ستراتا للتصنيع‘ التي استطاعت وضع بصمتها على خارطة الصناعة المحلية والعالمية مدعومةً بشراكاتٍ رائدة مع كبرى شركات صناعة الطائرات العالمية. وحرصنا منذ بدء عملياتنا على تسليم أجزاء هياكل الطائرات وفق أرقى معايير التصنيع العالمية، بما يعكس تنافسية القطاع الصناعي في الدولة على المستوى العالمي. ونقول اليوم وبكل فخر بأنّنا نجحنا في المساهمة بتحقيق هذه الرؤية وبناء علامة تجارية عالمية موثوقة انطلاقاً من الإمارات”.
بناء أجيال المستقبل
انسجامًا مع رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 ومئوية الإمارات 2071، لعبت ’ستراتا‘ دورًا محوريًا في تطوير قطاع صناعة الطيران الوطني، وذلك بالتزامن مع عملها على تطوير الكوادر الوطنية وتوفير فرص العمل ذات القيمة المضافة العالية في قطاع الطيران. وتوظف ’ستراتا‘، التي تشغل حالياً 13 خطاً للإنتاج، ما يقارب 700 موظف من 30 دولة، مع العلم أن الكوادر الإماراتية تمثل 58% من القوى العاملة، بينما تُشكل المواطنات 90% من مجموع الكوادر الوطنية في الشركة.
وبالإضافة إلى ذلك، أتاحت الشركة لكوادرها باقة كبيرة من البرامج التدريبية، وذلك من خلال شراكتها مع جامعة الإمارات العربية المتحدة لتطوير برنامج مخصص لفنيي صناعة أجزاء هياكل الطائرات. ويمتد البرنامج لفترة 24 شهرًا ويضم مجموعة من المناهج النظرية حول أساسيات العمل في القطاع الصناعي، إلى جانب التدريب العملي على أرض المصنع بهدف تأهيل الفنيين كمهنيين متخصصين بتصنيع أجزاء هياكل الطائرات. كما وتتعاون ’ستراتا‘ مع مؤسسات تعليمية أخرى لتقديم برامج التدريب المهني وورش العمل المتخصصة في قطاع صناعة الطيران بهدف بناء جيلٍ من المواهب المتميزة وتعزيز اهتمامهم للعمل في قطاع الطيران.
وأضاف عبدالله: “تعد ستراتا من الشركات الوطنية الرائدة في رعاية الكوادر الوطنية والاستثمار فيها وخصوصًا في قطاع صناعة الطيران. ونفخر بعدد الطلاب الإماراتيين الذين اختاروا ستراتا وجهتهم المفضلة للعمل؛ إذ يمثل ذلك دليلًا على نجاحنا في استقطاب الجيل المقبل من المهندسين والفنيين الذي سيضطلعون بدور محوري في رسم معالم مستقبل قطاع صناعة الطيران العالمي. وتستفيد الشركة من معارفهم الأكاديمية في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة.”
وتوفر ’ستراتا‘ مجموعة من برامج التدريب الداخلي الرامية إلى إعداد جيل من المواهب المستقبلية الخبيرة في مجالي التصميم والتصنيع، إلى جانب فرص التدريب في مرافق ’بوينج‘ في الولايات المتحدة. وكان برنامج تدريب الموظفين في مرافق ’بوينج‘ في مدينة سولت ليك قد انطلق عام 2017 بحضور مهندسين من ’ستراتا‘، ويستمر البرنامج حتى الوصول لهدفه بتدريب 24 مهندساً.
وقال عبدالله: “نحرص على تبني أحدث التقنيات ونواصل العمل على تطوير موظفينا بهدف تحقيق التطوّر الذي يليق باسم الإمارات على مستوى قطاع صناعة الطيران العالمي، والذي يشهد تنافسيةً عالية. ولمواكبة تطور القطاع، نبحث بشكلٍ متواصل عن الآفاق الجديدة لتطوير أعمالنا في مجال التصميم والتصنيع. ومنذ انطلاقتها قبل عشرة أعوام تواصلت نجاحات الشركة عامًا بعد عام، حيث نجحت مجموعة مكونة من 13 مهندسًا إماراتيًا في عام 2018 بتصنيع نسخة محدثة من الأسطح الخارجية لرفارف أجنحة الطائرات، الأمر الذي أدى إلى توسيع نطاق شهادة EN9100 التي حصلت عليها الشركة لتشمل مجالات التصميم والتطوير في قطاع صناعة الطيران.”
تطوير الشراكات مع الجهات الرائدة عالميًا في القطاع
يتمّ استخدام أجزاء الأجنحة ومثبتات ذيل الطائرة التي تحمل شعار “صنع بفخر في دولة الإمارات” في الوقت الراهن ضمن أكثر من 8% من أساطيل الطائرات التجارية حول العالم. وتواصل الشركة إبرام الشراكات مع نخبة من أبرز الأسماء في القطاع، بما فيها: ’إيرباص‘ و’بوينج‘ ووحدة تصنيع أجزاء الطائرات التابعة لشركة ’ليوناردو-فينميكانيكا‘، فضلاً عن قاعدة عملائها التي تضم سبعة من أبرز الأسماء في القطاع مثل ’بيلاتوس‘ و’إف إيه سي سي‘ (FACC AG)، و’ساب‘ (SAAB) لصناعة الطائرات، و’سابكا‘ (S.A.B.C.A) لصناعة الطيران.
وإلى جانب هذه الشراكات المميزة، تواصل ’ستراتا‘ العمل على تعزيز خدماتها مع أعمال التوسعة الحالية لمنشآتها التصنيعية، الأمر الذي سيسهم من تلبية متطلبات خط تجميع المثبتات العمودية لطائرة “بوينج 787 دريملاينر”. ستقوم ستراتا ببناء خط التجميع باستخدام ذات المعدات والأدوات المستخدمة في مصنع بوينج لطائرات 787 دريملاينر في مدينة سولت ليك. حيث ستعمل ستراتا على تجميع القطع الرئيسية للمثبت العمودي لطائرات “بوينج 787 دريملاينر” في مصنعها في مدينة العين. ومن المقرر أن تبدأ عمليات التجميع في منشأة ستراتا في العام 2020، حيث سيتم شحن الأجزاء إلى نورث تشارلستون، في كارولينا الجنوبية ليتم تجميعها على هياكل طائرات بوينج 787.
وفي إطار توسيع شراكاتها وخطوط انتاجها ضمن سلسلة التوريد العالمية لقطاع الطيران، عملت ’ستراتا‘ على تطوير مشروع مشترك مع ’سولفاي‘، الشركة البلجيكية المصنعة للمواد والكيماويات، في خطوة تمهد الطريق لدخول ’ستراتا‘ إلى قطاع تصنيع المواد المتقدمة. ويهدف المشروع المشترك بين الطرفين إلى بناء منشأة بمساحة 8,500 متر مربع في العين لتزويد شركة ’بوينج‘ بالمواد المركبة المتقدمة، وتستخدم هذه المواد المتطورة وعالية الأداء في تصنيع الهياكل المركبة لطائرات بوينج ’777 إكس‘.
وفي هذا السياق، قال عبدالله: “يعد هذا المشروع المشترك دليلًا على التطور الكبير الذي تتميز به عملياتنا، وعلى كفاءة وخبرة كوادرنا الوطنية وجاهزيتنا لدخول مجالات جديدة في القطاع والمنافسة فيها”.
رسم ملامح مستقبل قطاع الطيران
شكل التزام ستراتا بتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة دفعةً كبيرة للشركة نحو آفاق جديدة في عمليات التصنيع؛ حيث تعمل الشركة على توظيف تقنيات مثل التصنيع الذكي والطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي. وفي هذا الإطار، تلعب وحدة الأبحاث والتطوير في ستراتا دورًا محوريًا في تعزيز الكفاءات الفنية من خلال التركيز على عددٍ من المشاريع المتميزة التي ترسّخ مكانة الشركة وقدرتها على المنافسة على المستوى العالمي. وتركز الوحدة على عدد من المشاريع تتمحور حول تكنولوجيا التصنيع الرقمي والروبوتات. وتغطي المشاريع مجالات تتضمن تقنيات خاصة لتجميع أجزاء هياكل الطائرات باستخدام الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الفحص المتقدمة، وتحليل البيانات، وتحسين آليات تصنيع وتجميع أجزاء هياكل الطائرات المصنعة من المواد المركبة.
وأضاف عبدالله: “نفخر بما حققناه خلال العقد الماضي، حيث تمكنا من المساهمة في تعزيز مكانة علامة ’صنع بفخر في دولة الإمارات‘ على المستوى العالمي. ونتطلع إلى عقد جديد غني بالنجاحات والإنجازات التي نثق بقدرتنا على تحقيقها من خلال توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مما سيكرس مكانتنا كشركة رائدة في قطاع صناعة الطيران، وتدعم طموح أبوظبي والإمارات في ريادة قطاع صناعة الطيران”.
وتستند خارطة الطريق للعقد المقبل على نجاح ’ستراتا‘ خلال العقد الماضي في تعزيز تنافسيتها العالمية في قطاع صناعة الطيران، لتواصل ترسيخ حضورها ضمن سلاسل قطاع صناعة الطيران العالمية وتعزيز مكانة أبوظبي والإمارات كمركزٍ عالمي موثوق لهذا القطاع.